دورى أبطال اوروبا

حينما تعجز حلول ” اللعب المفتوح” .. كلوب لديه حل آخر

حسام عبد الكريم

نجح ليفربول الإنجليزي في العودة بانتصار مهم من ملعب جوزيبي مياتزا، بفوزه على إنتر ميلان بثنائية نظيفة لتتعقد مهمة النيراتزوري في الترقي للدور القادم وهو المطالب بالفوز بفارق ثلاثة أهداف إيابًا لعبور محطة الدور ثمن النهائي.

صراع الأفكار التكتيكية بين سيموني إنزاغي ويورغن كلوب تجلى منذ الدقائق الأولى، وتمسّك كلاهما باستراتيجية واضحة لتسيير دقائق المباراة واستهداف مرمى الطرف الآخر، مع إصرار الإيطالي على إخراج الكرة من مناطقه الدفاعية بسلاسة رغم الضغط الكبير الذي كان يطبقه الألماني في مناطق عالية جدًا من الملعب.

كتيبة إنزاغي حاولت دعوة لاعبي ليفربول لمناطقها الدفاعية، ووثق المدرب الإيطالي من قدرة ثلاثي دفاعه في إخراج الكرة تحت الضغط، كما أنه راهن على قيمة الثنائي بروزوفيتش وتشالهانوغلو في طلب الكرات العمودية لإحداث الانتقال وكسر خطوط الضغط الحمراء. وفي المقابل كان الضغط خانقًا من قبل ثلاثي الخط الأمامي ليورغن كلوب وعاونهم على ذلك فابينهو وإليوت وألكانتارا بنقلهم منطقة الافتكاك نحو ثلث الملعب الأخير.

استمر هذا السجال كثيرًا، وتارة يُفلح الإنتر في إخراج الكرة، لكنه في أحايين كثيرة يجد نفسه مضطرًا لرمي الكرات الطولية والقطرية، في المساحة خلف الأظهرة المتقدمة، أو لاستهداف محطة الهواء دجيكو والبحث عن الكرة الثانية للوتارو مارتينيز، وإن كانت الفكرة الأخيرة هي التي قرّبت إنتر من تشكيل الخطورة على مرمى أليسون في ظل صعوبة التدرج بالكرة، والذي كان ينتهي بفوز الليفر بفضل فاعلية الضغط المطبق من قبل منظومة كلوب الحيوية.

مؤشر الخطورة كان شحيحًا للغاية على المستوى الرقمي وغابت المحاولات التي علت فيها احتمالية التسجيل باستثناء تسديدة تشالهانوغلو التي صدتها العارضة الأفقية لأليسون، بينما اقتصر التهديد الأحمر على كُرتَي ماني من داخل منطقة الجزاء وكلاهما أخطأ الإطار الذي يحميه هاندانوفيتش. وهيمن الصراع التكتيكي ما بين الضغط وإبطاله على مجريات الشوط الأول دون أن تهتز الشباك.

في الفصل الثاني، ربما تغيرت فكرة كلوب فيما يلي الضغط ودفع بفيرمينو بعد الاستراحة بحثًا عن الحيازة في مناطق الخصم، وإفراغ عمق الدفاع الذي امتلأ بأقدام مدافعي الإنتر، لكن ما أراده كلوب لم يحدث ولم تتوفر مساحة في دفاع المضيف، بل أن قلة وتيرة الضغط انعكس إيجابًا على أزرق ميلانو والذي تحرر لاعبوه نوعًا ما وسيطروا نسبيا وتمكنوا من إخراج الكرات بشكل متتالي وإيصالها لمناطق ليفربول، لكنهم افتقدوا النجاعة.

اختلطت أوراق الريدز، وتجرأت كتيبة إنزاغي أكثر، وصنع بيرسيتش جبهة هجومية من الناحية اليسرى ليفتح الطريق نحو مرمى أليسون بالاختراق تارة، وبالعرضيات تارة أخرى، ومثله فعل دمفيريس في الناحية المقابلة، لكن كل هذا العمل كان يصطدم بقوة قلبي دفاع الليفر فان دايك وكوناتي، واللذان قدما مباراة نموذجية وتبادلا أدوار التغطية والافتكاك والمواجهة لكل محاولات إنتر ميلان.

لتدارك قارب المباراة قبل الغرق، أحدث كلوب ثلاث تغييرات معًا بحث من خلالها على خلق توازن جديد في منتصف الملعب وتنشيط العمل الهجومي قليلًا فأشرك كايتا، هندرسون والوافد الجديد لويس دياز مع حدود الساعة، وسرعان ما انحسرت سيطرة الإنتر وعاد التوازن للمباراة، لكن كلوب لم يزل عاجزًا عن صنع عمق هجومي وإحداث أي خطورة عبر اللعب المفتوح، فلم تفلح عرضيات أرنولد ولا صعوده عبر أنصاف المساحات.

تماسك دفاع الإنتر إنهار مع حدود الدقيقة الخامسة والسبعين، وهذه المرة أفلح فيرمينو في تحويل الركنية لمرمى هاندانوفيتش، بعد أن سبق الجميع بخطوة نحو القائم الأول وحول الكرة في الزاوية العكسية بطريقة مميزة. هدف فيرمينو خلق حالة من التوتر والفوضى بين عناصر النيراتزوري، وكأنما خاب أملهم وهم يرون رياح المباراة تمضي عكس سفينتهم. وتأكدت حالة الإرتباك هذه بعد ثمان دقائق ليخطف صلاح هدفًا ثانيًا من كرة ثابتة أخرى سقطت أمامه بعد رأسية من فان دايك، لينجح الفرعون المصري في تحويلها للشباك ولم يحرك هاندانوفيتش ساكنًا أمامها.

فوز كلوب تحقّق من أفضلية التعامل مع الكرات الثابتة، بينما لم يستفد لاعبو إنتر من الدقائق التي كانوا فيها متفوقين ليتأكد بذلك أن النجاعة في مثل هذه المستويات التنافسية مطلوبة وبشدة، كما أن استغلال الكرات الثابتة قد يكون حلًا مميزًا إن فشلت سبل الوصول للمرمى من اللعب المفتوح وعبر الاستراتيجيات المعدّة مسبقًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى