أرسنال “أرتيتا” وأرسنال “فينغر” الطريق طويل لولا الوصول
.. رحلة لخلق روح المنافسة على الألقاب من جديد
حسام عبد الكريم
فوزٌ يجرّه فوز، انتصار تلو انتصار، علامة كاملة بعد أربع جولات من مسابقة البريمييرليغ، تجعل أرسنال متربعا على جدول الترتيب في ظاهرة لم تعتد عليها جماهير المدفعجية مؤخرًا، في ظل البدايات السيئة التي كانت تشهدها مواسم الفريق الأخير، وآخرها كانت قبل عام من الآن حيث جلس الفريق في ذيل القائمة بعد ثلاث جولات دون تسجيله لأي هدف، وبرصيد خالٍ من النقاط
سلسلة الانتصارات الحالية، تعود بذاكرة مشجع أرسنال لمواسم أمجاد الفريق، فجيل اللاهزيمة كان الأخير الذي بدأ موسمه بهذه الطريقة، وفي موسمين متتاليين، موسم الكأس الذهبية 2003-04 ثم الموسم الذي تلاه 2004-05 وفيه امتدت سلسلة الانتصارات لخمسة. تلك ذاكرةٌ ستظلّ مدعاة للفخر والتباهي أمام الجميع، إذ لا يزال رقم اللاهزيمة صامدًا بعد مرور قرابة العقدين.
في الموسم الذي سبق موسم الكأس الذهبية، فقدَ أرسنال اللقب لصالح مانشستر يونايتد بعد خسارته على ملعبه أمام ليدز يونايتد مع الأمتار الأخيرة من سباق المنافسة، وشكلت تلك الخسارة دافعًا كبيرًا للاعبين والمدرب أرسين فينغر وقتها. ليدخل الفريق الموسم بدوافع أكبر لتحقيق اللقب، ففاز بصعوبة في افتتاح المسابقة على إيفرتون 2/1 ، أعقبه بفوز كاسح على ميدلسبره 4/0 ثم فاز على أستون فيلا بثنائية نظيفة قبل أن ينهي سلسلة الفوز بصعوبة امام مانشستر سيتي بنتيجة 2/1 ثم مضى نحو تحقيق اللقب الذهبي دون أن يخسر أي مباراة. في الموسم التالي ربط أرسنال سلسلة انتصاراته الأربعة بانتصار خامس، لكنه لم ينجح في تحقيق اللقب مع نهاية الموسم، وهو ما يتوقع حدوثه هذا الموسم، لذلك قد تصدفُ نبوءة الأرقام ويمضي الفريق لتحقيق انتصاره الخامس في الجولة القادمة.
ما بين تلك الحقبة وهذه تبدّلت الوجوه واتسعت دائرة المنافسين، واختلفت الأساليب التدريبية، والفوارق كبيرة بين الفريقين، ففريق أرسين فينغر كان فريقًا بطلًا بمعدل أعمار تجاوز الحالي، وبلاعبين لهم تجربة أكبر، فضلًا عن أن بناء ذلك الفريق استغرق من أرسين فينغر نحو 8 سنوات بينما يقف أرتيتا في سنته الثالثة، وربما موسمه الثاني مع الفريق الذي بناه للتو، والذي استغرق منه نافذتي انتقالات صيفية باعتبار أن موسم كورونا كان شحيحًا على الجميع من حيث الإنفاق.
فيما يخص أوجه الشبه بين الحقبتين، قد يبدو للوهلة الأولى أن المشترك الوحيد بين تلك الحقبة وهذه يبقى رباط الأرقام، لكن الناظر بعين فاحصة قد يرى غير ذلك. أرتيتا جاء للفريق بعد فترة اضطراب عبثت بالنادي داخل وخارج المستطيل الأخضر، أعاد ترتيب البيت الداخلي، وخلق لُحمة بين اللاعبين وأعاد بناء رباط وثيق بين فريقه والجماهير، وكان محورًا للتغيير الكبير الذي حدث في الفريق خلال فترة توليه القيادة الفنية. قد تكون المفارقةُ بعيدة، لكن دور أرتيتا المحوري في هذا التغيير يشبه إلى حد كبير ما أحدثه أرسين فينغر وقتها. كما أن علاقة فينغر بلاعبيه قد تحملُ في طياتها ما يريد أرتيتا تمثيله مع لاعبيه، مع إظهار بعض الحدة التي قد تكون مفتقدة في شخصية فينغر، والذي كان بمثابة أبٍ للاعبين وقتها.
ما يتحدث به أرتيتا في المؤتمرات الصحفية، يطابق أحيانًا ما كان يدعو له أرسين فينغر بادئ عهده بفريق أرسنال، حيث تبرز كلمات كالهوية، ثقافة الفريق، العقلية الانتصارية والجودة والنوعية. وربما يتأكد ذلك لمن شاهد سلسلة All Or Nothing التي أنتجتها شبكة أمازون، والتي تم عرضها بداية الموسم الحالي والتي حاولت في رسالة مستبطنة أن تقدّم المدرب أرتيتا كرجل للمرحلة، وشخصية محورية لكل ما يدور في أروقة النادي، في محاولة لإضفاء بعد سلطوي للمدرب الإسباني، وهو ما كان يفعله فينغر.
ما أشبه الليلة بالبارحة.. هكذا تردد الأصوات المناصرة للفريق، كيف لا وهي ترى أرسنال في الصدارة وبالعلامة الكاملة. وترى في رحلة ترقي الفريق من مؤخرة جدول الترتيب بداية الموسم الفائت، إلى قمته مع بداية الموسم الجاري ما يصلُحُ أن ينال عليه أرتيتا تقديرًا كبيرًا، وفي ذات الأثناء قد تبعثُ هذه الرحلة روح المنافسة على الألقاب من جديد، وهو ما باتت تتهامس به نفس الأصوات في دوائرها المغلقة. وليس ببعيد عن المتفائلين، تتحدث الأصوات المتعقّلة عن انعدام فرص المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي هذا الموسم، لكنها ترى أن استمرار الفريق في مثل هذه النتائج ومع التدعيمات المستقبلية قد لا يجعل انتظار الجماهير يطول، فهي تعلم بأن الطريق طويل لولا الوصول.