تعجزُ اللغة .. في وصف سحر السامبا
الدوحة : حسام عبد الكريم
لوهلة يبدو المشهد مألوفًا! مدرجات ملعب 974 غطى عليها اللون الأصفر وكأنما نسيت الشمس أن تغيب هذه الأمسية وتركت أشعتها تتناثر على امتداد مدرجات ملعب (الحاويات) مع تسرّبٍ طفيف لبعض اللون الأحمر صنعه ضوء القمر الخافت. إنها ليلة البرازيل الأولى في الأدوار الإقصائية وعليها أن تواجه (الشمشون) الكوري لتعبره خطوة نحو الأمام.
الأهازيج بدأت مبكرًا ، وقبل أن ينجح مشجعو كوريا في التواصل الصوتي أطبقَ هدف فينيسيوس جونيور على أفواههم صمتًا استمر منذ الدقيقة السابعة، فطغى عليه صوت السامبا في المدرجات ورقصها داخل المستطيل الأخضر. ستُ دقائق بعد ذلك، وساحر البرازيل رقم 10 يوسّع الفارق من علامة الجزاء، ويتبع ذلك بعرض راقصٍ برعت فيه الأقدام التي اعتادت على المراوغة.
قبل اكتمال نصف الساعة، أعاد ريتشارلسون إحياء المدرجات بعد أن عزفت الكرة بين أقدام اللاعبين لحنًا برازيليًا مستلهمًا من شوارع ريو دي جانييرو، ماركة مسجلة باسم البرازيل، جمعت بين المهارة العالية وتناغمت معها الكرة طربًا وهي تمر بين الأقدام قبل أن تهتزّ بها الشباك للمرة الثالثة. هنا قرر الجميع أن يتفاعل مع هذا السحر الكروي بالتصفيق والغناء والاندهاش!
لوكاس باكيتا، أراد أن ينفرد ب(سولو برازيلي) في هذه الليلة الصاخبة، فزار شباك كيم بطلقة جديدة ليبلغ لحن المباراة درجةً رابعة في (سلّم السامبا)، وأضفى بذلك موجة صياح جديدة على المدرجات. كل ذلك ولم تمضِ من المباراة سوى 36 دقيقة فقط، لكنها كانت كافية ليصل كرنڤال المنتخب البرازيلي ختامه.
شوط أول كان كفيلًا بأن يفسّر سؤال “لماذا يحب الجميع البرازيل!”، فسحر السامبا عابرٌ لحدود أمريكا الجنوبية ومتجاوزٌ لكرة القدم المعقّدة، يفكّكُ طلاسمها ويحيلها لكرة قدمٍ مجرّدة، ينفخُ فيها من روح الجمال لتمرير رسالةٍ مفادها أن كرة القدم الجميلة ستعبُرُ وتنتصر، وتُخلّد. ليلة من ليالي السامبا البرازيلية، أفرد فيها الربان تيتي شراع سفينته بالقرب من ميناء الدوحة، ليصل ضفة نهر الدور ربع النهائي، آمِلًا استمرار لاعبيه في التجديف للرسو عند المشهد الختامي لمونديال قطر 2022، وإخضاع الكأس لسحر البرازيل الذي لا يقاوم.