قطر تضع بصمة خاصة في تنظيم كأس العالم
الدوحة: وضعت قطر نفسها على الخريطة الرياضية بقوة وهي تستضيف نسخة استثنائية غير مسبوقة على الإطلاق، كأس العالم FIFA قطر 2022، لتؤكد قدرتها اللامتناهية على تنظيم أكبر الأحداث الرياضية بعد أن حققت نجاحات مذهلة في تنظيم بطولات سابقة لا تقل قيمة عن المونديال.
وبات من الطبيعي أن تلفت دولة قطر أنظار العالم إليها وهي تنجح بامتياز في كل الجوانب التنظيمية والفنية والجماهيرية المتعلقة بالمونديال، بفضل الإجادة في العمل منذ فوز ملفها باستضافة المونديال، لتتميز بنجاح عالمي غير مسبوق في إدارة الملف التنظيمي ولتصبح كل تفاصيله الكبيرة والصغيرة محل إشادة وإبهار وإعجاب العالم أجمع.
وقبل انطلاقة مباريات الدور نصف النهائي من كأس العالم، كان اسم قطر يسيطر على وسائل الإعلام العالمية بالفيديوهات والصور، والأخبار.. إعجاباً بالإبهار القطري.. فبتنظيمها المونديال كسرت قطر احتكار أوروبا والأمريكتين باستضافة كأس العالم، لتصبح أول دولة عربية وشرق أوسطية تستضيف العرس العالمي، منذ أول بطولة في الأوروغواي لما يقرب من قرن من الزمان (1930)، بينما كانت الاستضافة الآسيوية الأولى والوحيدة بشكل مشترك بين اليابان وكوريا الجنوبية (2002)، كما تميّزت جنوب إفريقيا بأنها أول دولة إفريقية تستضيف الحدث الرياضي الكبير ولا تزال في (2010).
وأنهت قطر كل ما أثير حول إقامة البطولة العالمية في فصل الشتاء، فحمل ملفها ابتكار تقنية تبريد الملاعب والأماكن العامة، وهي أحد الالتزامات الرئيسية التي قطعتها قطر على نفسها في ملف الاستضافة، ليس من أجل تنظيم نسخة تاريخية استثنائية فحسب، إنما نظراً لما يمثله ذلك من إرث لدولة قطر والمنطقة.
وتضمّنت بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022 العديد من المكتسبات العربية والإفريقية إلى جانب المفاجآت الفنية، حيث أظهر العديد من المنتخبات مستويات رائعة قلبت بها كل التوقعات لتصبح المغرب أول دولة عربية وإفريقية تصل إلى نصف النهائي، بفوزها على البرتغال بهدف نظيف، لتضاعف الفرحة في كل إنحاء إفريقيا والوطن العربي، حيث سبقت ذلك بفوزها على إسبانيا.
وفي واحدة من أكبر المفاجآت في تاريخ المونديال حققت السعودية فوزاً تاريخياً للعرب على الأرجنتين (2 – 1)، لتؤكد أن البلاد العربية ليست قادرة على تنظيم المونديال فقط، وإنما أثبتت قدرتها على تحقيق الفوز على أكبر المنتخبات ذات التاريخ العريق في بطولات كأس العالم.
وعلى الصعيد العربي الإفريقي أيضاً حققت تونس فوزها الأول على فرنسا منذ أكثر من خمسين عاماً (1 – صفر)، وكان فوز الكاميرون على البرازيل (1 – صفر) هو أول فوز إفريقي على منتخب البرازيل الفائز باللقب خمس مرات، وذلك في آخر مباراة بالمجموعة السابعة كحدث رياضي كبير شرّف الكرة الإفريقية.
وتفرّد مونديال قطر بقيادة المدربين الأفارقة لمنتخبات بلادهم في المونديال وهم: ريغوبيرت سونغ (الكاميرون)، وأوتو أدو (غانا)، ووليد الركراكي (المغرب)، وأليو سيسه (السنغال) وجلال القادري (تونس)، حيث لم يسبق لخمسة مدربين وطنيين الوصول بمنتخباتهم للنهائيات والمنافسة بقوة في البطولة.
ولأول مرة في تاريخ بطولات كأس العالم أنشأت قطر ملعباً قابلاً للتفكيك الكامل والمكون من حاويات الشحن البحري، وهو استاد 974 أحد الاستادات الثمانية المُستضيفة للبطولة، والذي يجسّد مفاهيم الاستدامة والإرث التي كانت جزءاً أساسيّاً من الوعد الذي قطعته قطر على نفسها أمام العالم منذ اليوم الأول لفوزها بحق استضافة المونديال.
وفي مونديال قطر استخدمت ولأول مرة الكرة الذكية (الرحلة) والتي تنتقل بسرعة أكبر من سابقاتها، كما تحوي جهاز استشعار داخلها، ما يسمح باتخاذ قرارات دقيقة من خلال تقنية التسلل شبه الآلية، وتساعد البيانات المأخوذة من الكرة في تحديد نقطة الركلة الدقيقة، والتي يتم نقلها إلى غرفة التحكم، جنباً إلى جنب مع البيانات من كاميرات التعقب.
وفي الدور نصف النهائي ستُستخدم أيضاً ولأول مرة كرة (الحلم) لتحل محل (الرحلة)، الكرة الرسمية التي استُخدمت في المراحل السابقة من البطولة، حيث تتميز باحتوائها أيضاً على أحدث ما توصّلت إليه التكنولوجيا في تصميم الكرات، حيث ستحمل (الحلم) مواصفات تقنية تعتمد بيانات لمواقع اللاعبين لتزود حُكام الفيديو المساعدين بمعلومات آنية تمكّنهم من اتخاذ القرارات بالشكل الأمثل، ما يضفي مزيداً من السلاسة على تجربة متابعة المباراة.
المونديال تميز وتفرّد بالكثير من الجوانب التنظيمية، لتبقى النسخة القطرية خالدة في الأذهان لسنوات قادمة بعد أن قدّمت تجربة فريدة للمنظمين واللاعبين والمشجّعين وملايين المشاهدين في شتى بقاع العالم، إذ كانت عوامل الشغف والإثارة والتشويق والفرح هي العنوان الأبرز في المونديال الاستثنائي، والذي تمّت متابعته على أرض الواقع بكل ارتياح بفضل تقارب المسافات.
قنا