التحليق.. شرط ملازم لصقور الجديان

حسام عبد الكريم
حلّقت صقور الجديان في سماء الدوحة، غير عابئة باتجاه الرياح ولا النقص العددي الذي ما أنهك قواها. فالتحليق شرطٌ ملازم لأولئك الباحثين عن المجد.
في المرحلة المؤهلة لنهائيات كأس العرب فيفا قطر 2025، كان امتحان السودان أشبه بمن جاء لقاعة الدرس برفقة المقرر، فالجماهير كانت تمد فرسان النزال بخارطة طريق كلّما أوشكت على أن تضل. فتدفقت الإجابات من على المدرجات مثل طوق نجاة لكل من أنهكه الركض طوال الدقائق التسعين. الركض كان مضاعفا بسبب تفوق لبنان العددي، بعد أن تم إقصاء جون مانو ببطاقة حمراء تم تعويضها بأحمر الأعلام المنتشرة في كل ركن من ملعب الغرافة، الذي جسّد ملحمة بطولية من الأهازيج والتفاعل لم يبُحّ صوتها حتى بعد نهاية النزال.
ما بين “فوق فوق.. سودانّا فوق” و “نحن جند الله” مرّت مراكب صقور الجديان محملةً بالدعوات ببلوغ النصر والترشح لنهائيات البطولة، في حين كانت الأمنيات المستترة مخبأة في أهازيج “أريتو يسيل عرقنا.. بدل ما تسيل دمانا”، فكرة القدم تمنح الشعوب المقهورة شعورا بالزهو والفخار في مثل هذه المحافل، وتبدد غيمة الألم بسحابة أمل تخبئ الخلاص في الأفق.
لغة كرة القدم كانت أبلغ داخل العشب الأخضر، حيث عوّض أبناء المدرب كواسي أبياه النقص العددي بتضحيات كبيرة كانت قادرة على قلب الطاولة من التأخر بهدف، للفوز بهدفين. ليضمن بذلك جنود بورتسودان مكانهم في المجموعة الرابعة رفقة الجزائر والعراق والبحرين.
رفقاء بخيت خميس كانوا على قدر تطلعات الجماهير التي ملأت مدرجات ملعب الغرافة، ولم يبخلوا ببذل كل نقطة عرق في سبيل أن تخرُج هذه الجموع بنصف ابتسامة، ليرتفع بذلك التحدي ويكبر الرهان في المرحلة الأصعب من مشوار المنتخب السوداني، أملا في أن يضحك هذا الجمهور كثيرا وأخيرا.




