كيف فاز الهلال .. ولماذا خسر المريخ ؟
الجدل حول مكان إقامة مباراة الأهلي أثر على تركيز المريخ
التنافس المحلي ساعد الهلال على تفادي أخطاء التشكيل
– عامر تيتاوي–
أعاد فوز الهلال على المريخ ميزان “الردع الكروي” في السودان ، وكذلك أعاد توازن القوى بفوز المريخ في الذهاب والهلال في الإياب بما يضمن عودة الهدوء الى ساحة الكرة السودانية ، والتي بعد انتهاء المباراة على المستطيل الأخضر بين اللاعبين ، تنطلق مباراة أخرى اكثر قوة وضراوة بين جماهير الفريقين من خلال المناكفات “البسيطة” الا من بعض الاستثناءات التي قد تتجاوز الحدود ولكنها تبقى استثناء.
الهلال نظريا هو الكاسب الأكبر رغم تبادل الفوز لان الهلال وليس وفقا لمقولة من يضحك أخيرا، ولكن لعدة معطيات أبرزها عودته الى ساحة التنافس في المجموعة الافريقية التي كان يتذيلها بنقطة واحدة، كما انه بفوزه على نده التقليدي ضرب أكثر من عصفور واحد بحجر ، فقد ترك ذيلية الترتيب للمريخ وان كانت بفوارق قليلة جدا .
دوافع الهلال مهدت طريقه للشباك
بالنظر للمواقف والقرارات الإدارية والفنية، يمكننا القول ان فوز الهلال على المريخ كان هو الطريق الوحيد للهلال، كما قال مدربه جواو موتا في المؤتمر الصحفي عقب المباراة، وبالتالي فان دوافع الهلال كانت أكبر ، خاصة ان المريخ جاء الى الخرطوم مزهوا بفوزه “القاهري” على الهلال وبادائه المميز أمام الأهلي المصري ، وربما أدى ذلك الى شعور داخلي وقناعة لدى بعض لاعبي المريخ بانهم قادرون على تكرار الفوز على الهلال ، وهنا يأتي أهمية دور الجهازين الفني والإداري في تهيئة اللاعبين نفسيا وتحضيرهم للتعامل مع كافة الاحتمالات، وهذا مايبدو انه لم يكن حاضرا في أروقة المريخ التي انشغلت بامور أخرى لاعلاقة لها بالديربي .
مردود إختيار ملعب السلام
وضعت إدارة المريخ منذ البداية عبئا إضافيا على كاهلها بقرارها اعتباراستاد السلام في القاهرة “ملعبا بيتيا” وهذا القرار اتضح أخيرا عدم صوابه، وأنه لم يبن على قراءة سليمة لأوراق المجموعة ، وان إدارة المريخ قد أعطت الأهلي صكا يمنحه الأفضلية على المريخ نفسه عندما تضيق الخيارات، وتصبح المنافسة على الصعود مباشرة بين المريخ والأهلي ، وهذا القرار اثر على فريق المريخ وافقد اللاعبين تركيزهم بصورة او أخرى حيث ان الحديث قبل المباراة عن لقاء الهلال كان اقل أهمية عن الجدل حول سعي مجلس المريخ المنقسم على نفسه بين نقل مباراة الإياب مع الأهلي الى الجوهرة الزرقاء او ابقائها في استاد السلام .
أثر التوقيت على الفريقين لكنه يتفاوت
بطبيعة الحال فان توقيت المباراة له تأثير متساو على الفريقين حيث لم يتعود أيا من الفريقين على أداء المباريات المحلية او القارية في هذا التوقيت المبكر عصرا ، وربما هذا المردود سيكون إيجابيا ومن الفوائد التي سترجع على الكرة السودانية بالتعود على اللعب عصرا ، وهي السمة الغالبة في معظم المباريات الأفريقية ، ورغم أن معاناة الفريقين في هذا الجانب متساوية، الا ان المريخ تاثر بها اكثر من الهلال، باعتبار ان فريق المريخ قضى فترة طويلة في القاهرة بعيدا عن الأجواء التي تعود عليها، وهذا امر طبيعي فالانسان بمجرد الإنتقال من مكان إلى آخر يحتاج إلى التأقلم مع الأجواء حتى لو كان ذلك داخل البلد نفسه من إقليم الى آخر، وتلك نقطة أخرى لم يحسب لها مجلس المريخ حسابا عندما اتخذ قراره باعتبار استاد السلام ملعبا له ، ولأن القرار تم دون التعمق في جدول المباريات، فإنه لم يضع تقديرا مناسبا للفارق الزمني بين مباراته الصعبة مع الأهلي في القاهرة ، ومابين مباراة القمة مع الهلال في ام درمان .
نقص المشاركة المحلية قلص خيارات كلارك
افتقد لاعبو المريخ للمشاركة في المباريات المحلية وهي التي تمنح اللاعبين فرصة اكبر للإنسجام، وكذلك تعطي المدرب حيزا أكبر للتعرف اكثر على قدرات اللاعبيين ، والتجريب من خلال وضع اكثر من تشكيلة أو توليفة ، وهذا ماكان يحتاجه “لي كلارك” في الوقت الذي إستفاد فيه مدرب الهلال “جواو موتا” من خلال خوض الهلال لمباريات محلية ، وبالتالي إستطاع المدرب من ضخ دماء جديدة في تشكيلة الفريق ،واجراء بعض التعديلات على مراكز اللاعبين مثلا تصحيح خطأ البداية باشرك صلاح عادل طرف يمين واعادته الى مركزه الأصلي في الارتكاز ، وكذلك اشراك لاعبين لأول مرة مثل حسن متوكل في المحور، وكذلك تثبيت موفق صديق في الطرف الأيمن ، وأيضا اخراج النيجيري ابراهيما مصطفى للمرة الأولى بعد ثلاث مباريات شارك فيها كاملة دون ان يترك بصمة إيجابية ، ولعل الفائدة الأكبر لمدرب الهلال قد تتمثل في إتاحة فرصة زمنية أكبر للجناح ياسر مزمل والذي كان العامل الحاسم في فوز الهلال في مباراة إعادة الروح.
الحكم وضع عبئا إضافيا على الفريقين
تركت قرارات حكم المباراة مصطفى غربال أثرا سيئا بالنسبة للفريقين وجهازيهما الفنيين، فقد كان واضحا ان غربال يريد ان يفرض سيطرته على المباراة عن طريق البطاقات الملونة وليس عن طريق الإحتفاظ بقدر اكبر من المرونة والروح الرياضية وتطبيق روح القانون التي يلجأ اليها حكام مباريات الديربي ، ولذلل أسرف في توزيع البطاقات الملونة منذ الدقيقة الأولى لفرض الهيبة والسيطرة ، وكان يمكن لأي لاعب نال بطاقة صفراء ان يخرج بالحمراء ، لذلك كان من الضروري اللعب بتحفظ وحذركبيرين من جانب اللاعبين ، ولكن سقط في الفخ لاعب وسط المريخ عماد الصيني، الذي ارتكب خطأ كان يمكنه تلافيه فالكرة كانت في منتصف الملعب ، ولم تكن تشكل تهديدا صريحا ومباشرا على مرمى المريخ ، وبالتالي خسر المريخ تبديلا وشيكا كان مدرب المريخ ينوي من خلاله اخراج الصيني والدفع بوجدي بما يحفظ توازن القوى في وسط الملعب ، لكن سيف “البطاقة الحمراء” سبق العزل
التناول الإعلامي قد يرسم صورة مضللة
قد يلعب الاعلام دورا سالبا على فرقنا ومنتخباتنا في بعض الأحيان ، وليس الإعلام التقليدي والكلاسيكي وحده وانما وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الحديث أيضا، يحدث ذلك عندما يقلل من الخصوم والمنافسين، وهذا ماحدث مع المريخ في هذه البطولة مرتان الأولى بعد مباراة الهلال وصنداونز الجنوب افريقي ، حيث برز في معظم الكتابات والآراء، أن صنداونز ليس سوى فريق ضعيف، وأن الفوز عليه سيكون في المتناول ، وان المريخ قادر على اجتيازه بسهولة، وهذا لم يكن حقيقة على أرض الواقع ، لذلك خسر المريخ على أرضه ” المفترضة ” بالتعادل ،وكان ممكنا أن يخسر بعدد وافر من الأهداف في مباراة يمكن تسميتها مباراة “الفرص الضائعة” لصنداونز، وبذات القدر كان سائدا قبل مباراة الديربي في الجوهرة الزرقاء ، أن المريخ سيكرر الفوز على الهلال ” ذهابا وإيابا ” وهذا أيضا لم يحدث وظهر المريخ بشكل مغاير تماما وقدم أسوأ أداء له في البطولة حتى الان ، وبما أن الهلال لم يظهر بالمستوى المطلوب أيضا، وكان أقل من ظهوره أمام صنداونز والأهلي، لكن يشفع للهلال أنه حقق الأهم ، وهو الفوز وكسب نقاط المباراة والعودة للمنافسة ضمن المجموعة .
هل يتدارك موتا أخطاء البدايات
هناك سؤال مهم يطرح نفسه ، وهو يتمثل في إمكانية الهلال بعد فوزه على المريخ واستعادة امل المنافسة، هل هو قادر على التاهل ومواصلة المشوار، والإجابة في اعتقادي تكمن بيد اللاعبين وجهازهم الفني، فقد ارتكب المدرب موتا العديد من أخطاء التشكيل ، فهل سوف يتداركها أم يعيدها ، وندلل على ذلك بأن الهلال لعب في كل مرة بتشكيل دفاعي مختلف وفي مراكز حساسة جدا في قلب الدفاع ، حيث لعب مرة بواتارا ومحمد إرنق، ومرة بوضاح وإرنق ، ومرة بوتارا والطيب عبد الرازق، والتغيير الأخير كان إضطراريا ، أما في الطرف الأيمن فقد أخطأ موتا باشراك صلاح عادل طوال ثلاث مباريات في خانة لايجيد اللعب فيها، وعندما أعاده الى الإرتكاز خانته الأصلية أبدع وأجاد، بينما نجح الجناح موفق صديق في خانة الطرف الأيمن ، وعلى موتا ان يعدل قناعته بخصوص الدفع بالمحترف النيجيري إبراهيما مصطفى واشراكه كامل زمن المباراة ، فقد نال مصطفى فرصته كاملة وليس عيبا إبقاءه على كنبة الإحتياط ، وإشراكه في بعض أوقات المباراة ، وهناك سؤال آخر أيضا يطرح على الجهاز الفني للهلال وهو عن الموقف من الحارس علي أبوعشرين ؟
فرص أقل من الأهلي وصنداونز .. ولكن
المعطيات العامة تشير إلى أن وضع المريخ سيكون أكثر حرجا من الهلال لأنه سيخوض مبارتيه المقبلتين مرة على أرضه المفترضة أمام صاحب الأرض الأصلي ” الأهلي ” ومرة أخرى أمام صنداونز في جنوب افريقيا مايعقد مهمته بصورة أكبر ، مع التأكيد على أن عالم كرة القدم يزخر بكل الإحتمالات وأن المباريات تلعب حتى الدقيقة الأخيرة ، شرط ان تؤمن بحظوظك وتثق في قدراتك .