هدف جان كلود..حمل في قوته أحلام أمة تتوق إلى السلام
في الليالي التي تخبو فيها أنوار السماء، وتغيب فيها شمس الأمل، تتألق نجوم أخرى، نجوم تشرق من أعماق القلوب الطيبة تضيء الدروب و تهزم الحروب.
في ليلة سودانية عادية السواد، تحولت كرة القدم إلى منارة أضاءت سماء الوطن، وحملت في طياتها رسائل أعمق من مجرد لعبة كرة قدم!
هدف جان كلود، الذي سكن شباك المولودية، لم يكن مجرد تسديدة قوية، بل كان صرخة مدوية خرجت من أعماق روح سودانية ترفض الاستسلام و تأبى الهزيمة. كانت تلك الصرخة ترنيمة حزن على وطن يعاني، وأغنية أمل لغدٍ أفضل. كانت بمثابة رسالة حب إلى شعب يئن تحت وطأة الحرب، إلى كل لاجئ و نازح و مشرد يحلم بالأمن و السلام.
في سودان مشغول بالحروب والصراعات، أظهر لنا لاعبو الهلال أن الرياضة قادرة على أن تكون سلاحاً أقوى من كل المدافع و الدانات. ففي الوقت الذي تعلو فيه أصوات المدافع و تحصد أرواح السودانيين الأبرياء، ارتفعت هتافات الجماهير الهلالية و السودانية لتعلن عن انتصار مختلف، انتصار الروح السودانية على القسوة والظلم و الظلمات.
لم يكن هذا الهدف مجرد نقطة في مباراة، بل كان إعلاناً للعالم أن السودانيين شعبٌ عظيمٌ، يتمسك بأرضه وعرضه، ويرفض أن يستسلم للإرهاب والدمار. لقد أثبتوا أن الكرامة الحقيقية تكمن في الحياة، وأن المعركة الحقيقية هي معركة البقاء والبناء لا معركة الاقتتال و الدمار.
في خضم هذا الصراع، وجد السودانيون في كرة القدم ملاذاً آمناً، و وسيلة للتعبير عن مشاعرهم وآلامهم. كانت المباراة بمثابة منصة للتضامن والتلاحم، حيث تكاتفت القلوب السودانية خلف الهلال ، ووجدت في ذلك قوةً دفعتها إلى فرح طال انتظاره.
جاء هدف جان كلود العالمي في الوقت المناسب من زمن المباراة و في الوقت المناسب من ألم الحرب! لذا فهو ليس مجرد لحظة تاريخية في مسيرة نادي الهلال العظيمة، بل هو رمزٌ للصمود والتحدي، و هو دليل على أن الأمل لا يزال موجود. إنه دعوة إلى السلام والمحبة، وتأكيد على أن الشعب السوداني يستحق أن يعيش في أمان وسلام.
لقد تعادل الهلال بحسابات المباراة، لكنه انتصر بحسابات السودانيين و الوطن، نصرا سيبقى محفوراً في ذاكرة الأجيال، وسيظل شاهداً على أن روح انسان السودان لا تموت، وأن الأمل في غدٍ أفضل لا يزال يحدونا و يتجدد كلما طلعت الشمس صباحا جديد.
و بهدف جان كلود الذي حمل في طياته ٱمال أمة تتوق للسلام، و حمل في قوته ٱلام شعب يئن تحت وطأة الحرب، و بلغة كرة القدم، أثبت السودانيون للعالم أجمع أن الكرامة الحقيقية تكمن في الحياة، وأن ملعبهم الحقيقي هو ملعب الخير و الحب والعمار، وليس ملعب الشر و العنف والدمار.
نجلاء نورين